يستهدفون السودان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
لا ينكر مخلوق على ظهر البسيطة أن الأُمَّةَ الاسلاميةَ مستهدفة في كافة الأقطار والأمصار، والبلاد وبين ظهراني العباد، مستهدفة في عقيدتها، مستهدفة في منهجها، مستهدفة في قيمها وأخلاقياتها، مستهدفة في جغرافيتها، وهذا واضحٌ وضوح الشمس فى كبد السماء، فهذه فلسطين تعاني من اليهود الملاعين، منذ عشرات السنين.
إرهابٌ يهودي عنصري آناء الليل وأطراف النهار على هؤلاء الفلسطنيين، ذبحوا شيوخهم وقتلوا وأسروا شبابهم، واغتصبوا نساءهم، وأحرقوا مساجدهم، وهدموا ديارهم، حتى أشجار الزيتون ما سلمت من إجرامهم، والعالم بأسره يشاهد ويتفرج ولا يحرك ساكن، بل إنّ القوى العظمى الظالمة الآثمة مع اليهود بكل إمكاناتهم.
وهذه أفغانستان تعاني من عدوان تلو العدوان، حيث تجرى فيها شلالات الدماء، وتتناثر فيها الأشلاء، وتنهال القنابل والقذائف والنيران على النساء والشيوخ والرُّضَّع والأطفال حتى صارت بركة للدماء.
وهذه هي العراق يذبح فيها الشباب والأطفال والرُّضَّع ذبح الخراف، حرك المعتدون الظالمون ورقة الطائفية، مستعينين بالميليشيات وبكتائب الموت، حتى جعلوا العراق مستنقع خراب ودمار.
وهذه الصومال تعبث أصابعهم فيها بالفتن، فحولوها إلى مسخ آدمي، يقتل فيها المئات يومياً بأيدي إخوانهم.
وهذه اليمن لَعِبت أصابهم فيها، بغية فصل الشمال عن الجنوب، وتحويلها إلى بؤرة صراع دموي مع أطراف عدة حتى لا تقوم لها قائمة.
وأخيراً يستهدفون السودان، حيث تكالبت القوى الخارجية من الأمريكيين المجرمين، وأذنابهم وأذيالهم من الأوروبيين وبتخطيط من اليهود الملاعين بغية إثارة الفتنة بين أهلها.
وحُقَّ فينا جميعاً قوله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل يا رسول الله فمن قلة منا يومئذ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن فى قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت)، حديث صحيح: انظر صحيح الجامع (8183).
والذئب يأكل من الغنم القاصيه، وصارت الأمة كلها قاصية.
وكان من المفترض على كل بلاد المسلمين أن تتحالف وتتمسك ضد هذه الأهداف الأعجمية البربرية، ولو أنها فعلت ذلك لما استطاع العدو أن يقترب من حدودها.
ألم يقُلْ ربّْنا:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ....). سورة آل عمران (103).
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ....). سورة المائدة (2).
(
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ....). سورة الفتح (29).
وقال رسولنا الكريم (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، حديث صحيح: رواه مسلم (2586).
(الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)، حديث صحيح: رواه البخاري (2314)، ومسلم (2585).
ورغم هذا الضباب، ورغم هذا السواد، أقول إن النصر قادم.
وأقول لأهل السودان: حتى لو تخلى عنكم الجميع فستنتصرون بإذن الله إن أخذتهم بأسباب النصر والتمكين، واقتديتم بالنبي صلى الله عليه وسلم، واهتديتم بهديه فهو القدوة وقد كان وحدة فى مواجهة وجابهة أهل الأرض ونصره الله تعالى.
والسلف الصالح من بعده ما كانوا يمتلكون الحِدّ والحديد، ولا العدة والعتاد، ولكنهم ملكوا عقيدة راسخة فى الصدور لا تتزلزل وإن تزلزلت الجبال الراسيات، خرجوا فقراء ضعفاء بسيوف غطاها الصدا، ولكنهم امتلكوا أعظم سلاح ألا وهو "الإيمان" فتخرجوا واثقين فى موعود الله بنصره، ولِمَ لا وهم قد نصروا دينه، وهو سبحانه يقول
(إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) وإستغاثوا به فأغاثهم، فخرجوا لم ينتظروا قدوم العدو، تحفهم الملائكة من كل إتجاه تثبتهم وتقاتل معهم
(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ)، سورة الأنفال (9).
ورفعوا أصواتهم بالتكبير، فسبق الأذان كتابهم إلى البلدان، فبثَّ الله الرعب فى قلوب أعدائهم ودخلوا مكبرين.
وياأهل السودان من الموحدين، لا تنتظروا شيئاً من هذه الدول، فكل دولة تؤكل والأخرى تتفرج عليها، بل ربما شاركت بشكل من الأشكال فى إسقاطها، لذلك أقول لكم، انصروا دين ربكم، وكونوا عادلين فيما بينكم، واحملوا سلاحكم (سلاح العقيدة, سلاح العلم، سلاح القوة) ضد عدوكم، وتذكروا فضل الجهاد وحب الإستشهاد، وذبوا ودافعوا عن دينكم ووطنكم فذاكم أفضل الجهاد، وإلا فإن بلدتكم ستطير أدراج الرياح، وسيستولى عليها الصليبيون واليهود ولن يجدى البكاء حينئذ. فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله.